جدول المحتويات

تفاعلات قضية النقاب

إن هناك ضخا إعلاميا كبيرا تخوضه المؤسسات الإعلامية المصرية الرسمية بجميع صورها من البرامج المتلفزة إلى الصفحة والمجلات بل وحتى الكتب دفعا عمن يفترض أنه شيخ الأزهر. وفي خضم هذا الضخ الكبير قد يفقد الإنسان العادي بوصلته ويضيع ويكاد يصدق!

وآخر هذه الأحداث أن عمل الموظف على رئاسة الأزهر الطناطوي اجتماعا لما يسمى مجمع البحوث الذي هو رئيسه (على من تضحك ؟) لإصدار قرار يؤكد قراره!

لقد غر بعض الناس مناصبهم ونسوا أننا أهل سنة ولسنا أهل كنيسة. نحن لا يوجد عندنا رجال دين ولا روحانيات ولا مقدسات ولا مؤسسة دينية. نحن أهل حجة واتباع لصاحب السنة (عليه أفضل الصلاة والسلام) الذي لا ينطق عن الهوى. هذا منهجنا وهذا ديننا. منهجنا وسنتنا وطريقنا ومذهبنا (وكلها مترادفات لها معنى واجد) هو اتباع النبي كما نقله لنا أصحابه الذين هم من حوله ومن تبعهم ونحن مأمورون باتباع سبيلهم. أما من يأتي بأقوال جديد مبتدعة في الدين خلافا لفهم أعرف الناس بالكتاب والسنة يصدق عليه قوال الله سبحانه وتعالى:

{ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً }

والتحذير من الطنطاوي أو من تسول له نفسه أن يفعل فعله من النصيحة في الدين وفي لهذه الغاية أفرد الإمام مسلم باب كاملا.

تمهيد

الدين النصيحة والدين أمر بالمعروف ونهي عن منكر ودعوة باللتي هي أحسن. وفي ديننا الحياء شعبة من الإيمان (للرجال وللنساء) والله يأمرنا بغض البصر صراحة في القرآن.

وإن ديننا يأمرنا بفعل الخير ومكارم الأخلاق. منها ما هو واجب كالزكاة ومنها ما هو مستحب كالصدقة كل ذلك من المعروف الذي يجب أن نشجعه وندعوا له.

الإجماع والخلاف في النقاب

غطاء الوجه أو النقاب ثبت الإجماع على أنه من الدين وهو فعل أمهات المؤمنين (رضي الله عنهم) وهو ما فعلته نساء الأنصار فور نزول الآية “يدنين” هكذا فهمن الآية، بل حتى نساء الصحابة في الإحرام (حيث لا يغطى الوجه) كن إذا مر بهن الركبان يغطينها وهن محرمات (أحدايث صحيحة مثل حديث عائشة و حديث أسماء بن أبي بكر يخبرن عن فعل النساء رضي الله عنهم جميعا)!!

لكن الخلاف فيه هل هو فريضة واجبة أم سنة مستحبة. وقد ذكر الدكتور العريفي أدلة الوجوب (دكتوراه بامتياز وليس مثل الطنطاوي فخرية نظيرا لمجهوده الأسود في ما يسمى حوار الأديان)

وفي الجزء الرابع نبه الدكتور إلى أن جمهور العلماء هم على الوجوب وأنه إن ذكر بعض الأحناف أنه مندوب هذا لا يعني أن الندب هو مذهب أبي حنيفة كذلك الشافعية وذكر أسماء تلاميذهم الذين قالوا بالوجوب. ثم ذكر أسماء علماء معاصرين من خارج بلاد الحرمين ومن مذاهب مختلفة (اسم العالم واسم الكتاب).

وأنا هنا لست أفاضل بين القائلين بالوجوب أو القائلين بالندب. تخيل أن يصدر قرار يعتبر الصدقة (المندوبة وليس الزكاة المفروضة) عادة يهودية أو بدعة!

ثم إن هناك أيضا خلافا عند الفقهاء في حدود عورة الرجل هل هي ما بين السرة والركبة أم هي الشيء الذي بين السرة والركبة يعني القبل والدبر وهل تختلف في الصلاة عن خارج الصلاة …إلخ. فهل من الحياء الذي هو من الدين أن يخرج الرجال هكذا في الشوارع ؟ وهل من الدين أن تحدق فيهم النساء ؟

ماذا يستفزهم في النقاب ؟

إن النقاب أو الحجاب أو اللحية أو أي مظهر يظهر انتشار الصحوة في هذه الأمة يستفز أعداء الأمة ومن كان يقف في خندقهم لأن فيه تكثيرا للسواد وبيانا لفشل خططهم وأنهم لا يستحقون ما يغدق عليهم من عطايا. وتحضرني قصة كتبها صحفي أردني في أحد الصحف الأردنية اليومية (شبه الحكومية) أن وفدا صحفيا ذهب إلى تركيا (على زمن العلمانين) في رمضان فتعجب الصحفيون من اختفاء السيارات عندما اقترب أذان المغرب (تماما كما يحدث في كل الدول الإسلامية): “لم نكن نظن أن الشعب التركي كله يصوم رمضان” فرد عليه الوزراء العلمانيون أن العجائز فقط يصومون عاة وليس عباة وأما غالبية الشعب وهم الشباب فيجلسون معهم على مائدة الإفطار لتسليتهم دون أن يصوموا. هذا الصحفي لم يبتلع هذا الرد لذا قرر أن يحضر صلاة عيد الفطر كي يعرف هل الأمر مجرد جلوس على طاولة الطعام أم أنهم يصومون ويصلون فكانت المفاجأة أن المساجد تفيض بالمصلين.

وحيث أن معظم الطالبات في التخصصات العلمية محجبات وكثير منهن منتقبات هذا يثبت خطأ ما لم يتوقفوا عن قوله عن النساء الملتزمات من الجهل والتخلف وغيرها من التهم لذا قرروا أن يجعلوا أوهامهم حقيقة عبر إخراج المنتقبات أولا (وثم المحجبات لاحقا) خارج المؤسسات التعليمية.

قضية النقاب

كان الطنطاوي ومعه حاشيته في زيارة لترويع الآمنين من وباء إنفلونزا الخنازير والقضية نقلتها وسائل إعلام من الوفد المرافق له ومن بينها ما كتب في جريدة المصري اليوم العلمانية وهي مملوكة لرجل المال المعادي للإسلام نجيب اويرس (الذي لا يحاول إخفاء مشاعره) بل واعترف بها الطنطاوي نفسه في تصريحات خاصة لبرنامج “البيت بيتك” بالتلفزيون المصري مساء الأربعاء 7-10-2009 حيث روى شيخ الأزهر ما حدث مع الطالبة قائلا:

“عندما ذهبت لتفقد أحد المعاهد الأزهرية في بداية العام الدراسي الجديد ودخلت أحد الفصول وجدت حوالي 15 فتاة بالفصل واحدة منهن منتقبة، فقلت لها ارفعي النقاب فلم تجاوبني ولم تحرك ساكنا، فطلبت من المُدرسة أن ترفع التلميذة النقاب كي تحدثني، فاضطرت التلميذة أن ترفع النقاب”

يعني هو أجبر المعلمة كي تجبر الطالبة على خلع نقابها أمامه وأما حاشيته

وفي لقائه مع روز اليوسف اعترف ما يسمى شيخ الأزهر بأنه كان قاسيا وعندما طالبته المجلة بالمزيد من الخطوات من أجل حربها على النقاب (والتي قالت له بأنه يعلم أن المجلة تشنها منذ سنوات) ومنع النقاب مطلقا فقال أن هذا سيأتب بأثر عكسي وأنه يعمل بالتدرج!! فسألته المجلة “فما هو الهدف البعيد؟” …

وانتقدته منظمات حقوقية لأن أسلوبه كان سوقيا وحطم مشاعر الطالبة عندما قال لها “لو كنت جميلة ماذا كنت فعلت” (لكن بالعامية)

وقد أعجبتني صراحة الطنطاوي عندما قال “أنا عملي أني أقبض ..” (في الدقيقية 4:30 من الفيديو السابق)

أما كلام الوزير (الدقيقة 7) فهو مضحك جدا فهو يقول أن الوجه يجب كشفه لأن الله خلقه. فمن خلق بقية الجسد ؟

فيا من تبجحت بعزة منصبك أمام الطالبة المسكينة وكسرت خاطرها ويا صاحب الذلة مع اليهود والصليبين في حوار الأديان ألم تسمع قول الله: { … أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ … } (المائدة 5) ألم تسمع التحذير في أول تلك الآية ؟ ألم تقرأ صفاتهم في آخرها ؟

لم تبدأ القصة بالزيارة فالتحضير لها كان يتم على نار هادئة فقد كانت قد طبعت كتب تقول أن النقاب عادة وليس عبادة ومنها كتب قالت بأن التي تمشي بالبكيني (ملابس السباحة) أقرب إلى الله من المنتقبة لأن الأولى عاصية قد تتوب والثانية مبتدعة تتقرب إلى الله ببدعتها لا تعرف أنها على ضلال. بل ومنها كتب طبعت من أموال الأوقاف (وكأنهم يقولون للمسلمين لا تتبرعوا لأننا سنستخدمها في طباعة كتب للدعوة إلى الفجور)

القضية لم ولن تنتهي هنا فالرجل ماض في مشروع طويل الأجل كما قال لروزا.

لقد كان الشيخ كشك يقول عن الأزهر: “الأزهر الذي كان شريفا!” ولم يطل الزمان حتى رأينا مصداق قوله انظر آخر شيخ للأزهر. إلا أن علماء الازهر الربانين الذين لا يخافون لومة لائم لم يسكتوا بل كانوا شديدي القسوة عليه.

وكما بدأت هذه التدوينة بقولي أن المسلمين ليس لهم مؤسسة دينية فنحن أهل حجة ودليل. وبطريقة ما أصبح لنا واحدة تقليدا للنصارى (الكاثوليك) والمصيبة الكبرى أن الكنسة في مصر لها استقلاليتها وهي من تختار كبيرها فلماذا لا يختار كبار العلماء كبيرهم بل يعين عليهم الكبير مثل أي موظف أو كاتب ؟