إلى أين تسير تلك الفتاوى

في الفترة الماضية بدأت وسائل الإعلام (والتي يغلب عليها العلمانية) بسوق المبررات للاختلاط في الجامعة الجديدة في السعودية وهذا الهجوم الإعلامي تحول إلى هجوم شخصي على العلماء والتحريض عليهم والتشكيك في “وطنيتهم” وقد طال هذا الهجوم بعض العلماء المعروفين بل عضو هيئة كبار العلماء “الشيخ سعد بن ناصر الشثري” لا لشيء إلا لأنهم بينوا حكم الاختلاط وصدعوا بالحق. وربما جرى حبس واعتقالات وتخويف وتخوين هنا وهناك.

وبعد فترة تطل علينا وسائل الإعلام وحتى مواقع الإنترنت بكلام لقاض و“شيخ” على أن مصطلح الإختلاط مصطلح مبتدع ليس فقط المصطلح بل من قل بأن تحريم الاختلاط فهو مبتدع وذكرت فتاوى غريبة شاذة. والغريب ليس الفتوى بحد ذاتها بل المسار الذي سارت عليه فالكلام المذكور في الفتوى يجعل العوام مثلي يغرقون في شبر من الماء فالأحاديث بعضها موجودة في الصحيحين والدلالة واضحة ووضعها بالترتيب الذي ذكر يصور مجتمع الصحابة أمامنا مثل نيويورك أو شيكاغو وكأن كل ما نعرفه نحن من الحشمة جاء من خرافات بدوية غريبة عن الإسلام فهذا يردف امرأة خلفه على دابة (في عصرنا دراجة نارية مثلا) وذاك يجعل زوجته تقدم الطعام لضيوفه وتجلس معهم وتساريهم في الكلام وهناك النساء والرجال يتوضأون معا في مكان واحد وأن يتحدث رجل وامرأة سرا ولم أعد أدري هل حقا هو يصف مجتمع الصحابة والرسول (صلى الله عليه وسلم) بينهم أم ماذا ؟

بعد ما ذكر لا يحتاج رد مثل الصورة الطريقة التي صورها صاحب الفتوى حيث المسلمين رجال ونساء يتوضأون في مكان واحد ثم يدخلون المسجد فيفرق الرسول (صلى الله عليه وسلم) بينهم الرجال في صفوف والنساء في صفوف أخرى وبينهم الأطفال وقد كانوا بحسب زعمع مختلطين معا من ثوان قليلة.

مفتاح فهم هذا كله في جملة واحدة وجتها في هذا الرد (رقم #25)

لو أوردتُ نصوص شُرب الخمر قبل تحريمه، والمتعة قبل تحريمها، والربا قبل وضعه، والسفور قبل منعه، والصلاة قبل تمامها، والجهاد قبل فرضه، والاختلاط قبل حظره لجاءت شريعة جاهلية والنصوص محمدية. … وهذا عكْسٌ للإسلام وقلبٌ لتاريخ التشريع، وكأني بمن يسلك هذا المسلك يأخذ تشريع العاشر من الهجرة وينقضه بالتاسع، والتاسع ينقضه بالثامن، والثامن ينقضه بالسابع، وتشريع المدينة ينقضه بتشريع مكة، وكأن الإسلام بساط يُطوى، وعُرى تُنقض، ليظهر تحته بساط الجاهلية .

فقد أورد صاحب الرد (عبدالعزيز الطريفي على الغامدي) جزاه الله خيرا أدلة تبين تاريخ فرض الحجاب (وهو العام الخامس للهجرة) وبين بالدليل القاطع أن كل ما صح مما ورد كان قبله. وكأنهم ياتون بنص يبين أن صحابيا شرب الخمر والرسول (صلى الله عليه وسلم) لم يفعل له شيئا قبل نزول تحريم الخمر.

وهناك طبعا المزيد من الردود (منها ذكر وثائق تاريخية ورد فيها ذكر الاختلاط) لكن ما أعجبني هو بلاغة التشبيه بالبساط الذي يطوى والعرى التي تفك فهل سنظر نتفرج على هذا المشهد التاريخي الذي يعرض مقلوباأم سنرى العرى تتصل وتتشابك والمشهد يسير للأمام لا للخلف.

للمزيد

للمزيد عن الموضوع القديم