العربية والعرب والإسلام والأمة

اللغات

اللغة هي وسيلة الإتصال بين البشر وهي من أرقى مظاهر العقل والتفكير. وتعد اللغات البشرية بالآلاف بما فيها الميتة. وتتفاوت هذه اللغات في مرونتها وقدرتها على التعبير وثروة كلماتها.

اللغة العربية والعرب

اللغة العربية هي واحدة من أكثر اللغات البشرية تميزا.

في حين أننا مازلنا نقرأ كتبنا القديمة منذ بزوغ الاسلام بيسر كبير. مما خلق مكتبة زاخرة وذات امتداد زمني طويل.

الإسلام والأمة

خلق الاسلام ولأول مرة في تاريخ البشر “دولة عالمية” ومشروع حضاري لامثيل له. لم يعترف الاسلام في مشروعه بالطبقية ولا بالجغرافيا فقد صهر في بوتقته شعوبا وثقافات وأعراق. ورغم نجاح اعداء الأمة - وسكوتنا نحن على ذلك - في تقطيع أوصال الأمة وتجزئتها فيما يربو عن خمس وأربعين دويلة قد نشبت فيها الأنياب واستشرى فيها السم. رغم ذلك كله فما زال بها رمق، ولازال المسلم في بنغلاديش يغار على أخية واخته في تونس.

ومن المفارقة أن يسعى الأوربيون بكلهم وكليلهم الى الوحدة رغم أن لكل دولة فيهم لها لغة وتاريخ وعداوات خلافا للأخرى، يسعى هؤلاء للتجمع والوحدة… ونحن بها أولى وأحق.

نعم الأسلام باق والعربية باقية والمليار مسلم باقون بإذن الله وتلك الأيام يداولها الله بين الناس.

الخاتمة

ولكن ما علاقة كل هذا بالحاسوب والبرمجيات ولماذا نقحم الدين فيها؟!

ان لكل أمة خصوصيتها وطريقتها في النظر الى الأمور وتعود هذه الخصوصية أساسا إلى العقيدة الأساسية للأمة وفكرتها عن الكون والأنسان والحياة.

و فكرة حصر الدين في ذلك المسمى وحصر نشاطه في دار العبادة أو الأعمال الخيرية والإنسانية هو مسألة خاصة بالغرب وعقيدة فصل الدين عن الحياة -العلمانية-(اترك ما لقيصر لقيصر وما لله لله) والرأسمالية. فنظرا للظلم والمعاناة الشديدين التي تسببت فيهما الكنيسة في عصور الظلمة نشأت عند الغرب ردة فعل قوية ضد كل ما يسمى دينا وتم حصره كليا حتى لا يلعب أي دور يذكر في الحياة العامة. فكانت الخلاصة عندهم : إن وجد الله أم لم يوجد فلا دخل له في تسيير حياتنا وسنسيرها نحن بأنفسنا.

لذلك فعندما يقوم المسلم بربط أية مسألة بالإسلام فإنه يواجه من العلمانيين بامتعاض “لماذا تقحم الدين أو الله في هذا؟!”. حتى عندما تقول امام الغربي “بإذن الله سأفعل كذا” ترى علامات الامتعاض والاستغراب.

ولكن هذا كله مختلف تماما عندنا نحن المسلمين. فلا نكاد ننطق بأي أمر مستقبلي إلا وقلنا معه ان شاء الله، ولا نستغرب من شئ إلا وقلنا سبحان الله ولا نشكر انسانا على شئ إلا وقلنا جزاك الله خيرا وهكذا.

هذا بالإضافة الى مسأله جوهرية في الإسلام الا وهي انه لا يوجد عند المسلمين رجال دين يمتلكون تمثيله، فلو أجمع كل علماء السلاطين والمصلحة على إجازة الربا أو الخمر أو الزنا فإنه يمكن لأي انسان أن يخالفهم بالحجة. فمرجعيتنا ليسو الأشخاص بل القرآن والسنة. ولذلك لم تنشأ ضد الاسلام أي نوع من الكراهية، لانه حتى في أحلك أوقات الظلم كان الكل يعلم أنه ظلم الحاكم وأن الله ورسوله والاسلام منه بريء.

وبهذا فإن ربط أية مسألة - بما فيها البرمجيات والحواسيب - بالإسلام هو مسألة طبيعية في ثقافتنا بل وتعطي بعدا عميقا ودافعا أصيلا للعمل. وهذا لا يعني مطلقا أننا نرفض غير المسلمين، فنحن بادىء ذي بدئ نعترف بفضل الأمم كلها في التقدم المدني والعلمي. وتعايش المسلمون مع غيرهم - حتى في قمة أوج الدولة الإسلامية - بكل احترام. حتى اشتهر من غير المسلمين الأطباء والمهندسون والصناع المهرة دون وضع أي اعتبار لكونهم غير مسلمين.

الغرض من طرح هذه الأفكار هو التقدمة لأن نهتم بخصوصيتنا وأن نشعر بتميزنا وقدرتنا على مجاراة غيرنا. وأنه حتى عندما نتحدث عن موضوع مثل البرمجيات الحرة فإن لنا زاوية نظر مختلفة تثري حركة الانجاز والعطاء تلك.