يجب الانتباه للخداع في مصطلح “المادة الفكرية” المضلل الذي روج له اتحاد ناشري البرامج SPA وهو اتحاد شركات ربحية غربية (وليس منظمة خيرية كما يسوق نفسه). بكل بساطة لأن “المادة الفكرية” ليست مادة والموضوع أكبر من المواضيع التي تختبئ ورائها SPA مثل:
فهذه أشياء مهمة يجب دعمها لكن ذلك لا يكون بكتم العلم بل تلك مجرد ذريعة لإعطاء الناشر (وليس المؤلف) أدوات قانونية في ملاحقة الناس والحد من حريتهم في التملك والابتكار.
لا أحد ينكر حق المؤلف 1) في العيش أو في تقاضي أجرا لقاء جهده والأهم من ذلك الحق الأدبي في نسبة العمل له. لكن مصطلح الملكية الفكرية لا علاقة له بهذا. فهو حق ما يسمى المالك (ليس بالضرورة المؤلف بل وغالبا ما يكون الناشر) في التحكم بطرق تداول المادة الفكرية بصورتها المعنوية بغض النظر عن الوسيط المادي الذي يحملها. والهدف من هذا هو الحصول على أفضلية في السوق من خلال الاحتكار.
تقرير UNDP الصادر عن الأمم المتحدة عام 1999 يقول2):
The 1999 United Nations Development Programme (UNDP) report stated that “tightened intellectual property rights keep developing countries out of the knowledge sector,” adding that the “relentless march of intellectual property rights needs to be stopped and questioned.”
“التضييق الذي تفرضه حقوق الملكية الفكرية يبقي الدول النامية خارج القطاع المعرفي.” ويضيف “الزحف القاسي لحقوق الملكية الفكرية يجب أن يتوقف ويتم التحقيق فيه”
حتى تتخيل إلى أي مدى يمكن أن يصل هذا التضييق تأمل الخبر الذي يقول أن شركة تويوتا تطالب من موقع صور حذف صور سيارتها بحجة انتهاك حقوقها بموجب قانون الألفية RMCA ...
أقتبس
“Toyota, with cash assets of over $23Billion can surely afford to spin out the legal costs in an attempt to bankrupt the site – the same strategy that is often used to ‘encourage‘ a settlement in RIAA cases.”
الترجمة
“تويوتا بما تملكه من أصول تفوق 23 مليار دولار تستطيع عمل دوامة قانونية تؤدي إلى إفلاس الموقع وهذه الاستراتيجية تستخدم عادة للتوصل لاتفاق.”
وهنا نسأل بماذا يدين من يلتقط صورة لشارع مزدحم ولمن ؟
هناك عدة أنواع من حقوق الملكية الفكرية
العلامة التجارية هي دلالة على الشركة مصدر المنتج لا أكثر. وقد تظل محفوظة إلى أجل غير مسمى ما دامت الشركة تحافظ عليها فهي تسجلها لمرة واحدة وتحصل عليها لعشر سنوات وتظل تمدد لها دون حد.
على الشركة أن تحافظ على علاماتها ليس فقط بتمديدها بل بأن لا تسمح باستخدامها على المنتجات المنافسة لأن هذا يقلل من قيمة العلامة التجارية إلى أن تضمحل مثلا كلمة كلينكس Kleenex لا تعني مناديل ورقية بل هي عبارة عن علامة تجارية لشركة ما لكن استخدام هذه العلامة التجارية من قبل الناس أفقدها قيمتها فلو أعلنت الشركة “استخدم كلينكس” فكأنما هي تدعو الناس إلى استخدام أي مناديل بما فيها المناديل المنافسة.
العلامة التجارية فريدة لكل منطقة قضائية أي لحمايتها يجب أن يتم تسجيلها في أكثر من مكان. بكلمات أخرى يمكن لشخص ما أن يسجل علامة تجارية في أوغاندا باسم شركة أمريكية إن هي لم تكن مسجلة هناك.
حق النسخ مذكور في الدستور الأمريكي أي أنه حق قومي National right (في كل الولايات) وهو يغطي التعبير expression عن الفكرة 3) لا الفكرة ذاتها (أي أن من قام بالإيداع أصبح مالكاً لذلك التعبير عن تلك الفكرة) هذا التعبير قد يكون قصيدة أو قصة أو برنامج ..إلخ فإذا أودع زيد رثاءً لعمرو فإنه امتلك حق النسخ على تلك التعابير التي استخدمها في رثاء عمرو لكن يجوز لآخر أن يرثي عمراً لكن بتعابير أخرى. وهذا الحق محفوظ لصاحبه لمدة محددة تختلف من بلد لآخر ففي الولايات المتحدة قد تصل إلى 70 سنة بعد وفاة صاحبها وهو قابل للتجديد كما أن القانون يزيد المدة كلما قاربت نهاية حقوق الملكية على ميكي ماوس في ما يعرف تهكما بقانون حماية ميكي ماوس Mickey Mouse Protection Act
حق النسخ يعني أن المالك copyright holder (وليس بالضرورة المؤلف) يستطيع التحكم في كل تلك التعابير على أي وسيط (مطوية، كتاب، قرص، ..إلخ) وذلك بتحديد
كأن يقول يمنع نسخها دون إذن خطي مسبق أو أن يقول يمنع تعليقها مقلوبة أو يمنع قراءتها في الليل …إلخ لكن الاستخدام الأكثر شيوعاً (ويكاد يكون الوحيد) لها هو في كتم المنتج عن ناشرين آخرين للحصول على أفضلية في السوق. هذا التقييد يرتبط برخصة License وهي اتفاقية بين طرفين هما مالك الرخصة والمرخص له أي المستخدم (أي أنها ليست بيعاً أو أنها بيع للإذن إن صح التعبير) وأحكامها نافذة حتى دون توقيع الطرف الثاني. من خلال هذه الرخصة يعطي المالك بعض الحقوق غير الحصرية (على الأغلب) من طرفه (أي أنه يجوز أن يعطي نفس الحقوق لآخرين) والحصرية من طرف المرخص له (لا يحق للمرخص له تمرير تلك الحقوق لآخرين) وتظل حقوق النسخ محفوظة حتى سبعين سنة! وأكثر من ذلك في بعض الأحيان.
يقول الدستور الأمريكي بأن هدف حقوق النسخ هو “حفز التقدم العلمي والفن النافع” وقد فصلت المحكمة العليا هذا بقولها “الاهتمام الوحيد للولايات المتحدة والهدف الأساس فيما يتعلق بمداولات حقوق النسخ الاحتكارية يصب (يقع) في المصلحة العامة التي حصّلها الناس من عمل (أو أعمال) الكاتب” فيعلق ستولمان على ذلك قائلاً: “ليس مطلوباً منا أن نتفق مع الدستور أو مع المحكمة العليا (في يوم من الأيام أقروا العبودية)…” 4) نلاحظ بأن الصالح العام كان هو الذريعة (وليس العرف بأن هذه الأشياء لها قيمة مادية تجعل مما يجوز تملكه) نلاحظ أن كلمة “نافع” بعد كلمة “فن” ما هي إلا عبارة زخرفية غير معرّفة في القانون وتذكر فقط عند ذكر الأهداف وكما نعلم أن الغاية عندهم تبرر الوسيلة.
إن قيام الدولة بإلغاء حقوق النسخ سيؤدي إلى انهيار قطاعات اقتصادية كبيرة الكثير منها لا يؤسف عليه كثيراً مثل صناعة اللهو Entertainment Industry مثل الألعاب والمعازف والمواد الخلاعية، أقتبس من كاتب سويدي: “إضافة إلى أن الصور الخلاعية محرمة إنها أيضاً محمية بحقوق النسخ (…) إن الرقابة على مثل هذه الصور على الشبكة مستحيل افتراضياً لكن ذلك غير مطلوب(…) إذا أردت تحطيم سوق هذه الصناعة، ببساطة أزل عنها حقها في الحصول على حقوق النسخ” 5)
من بين الأمثلة الكثيرة على فجاجة حقوق النسخ قضية SCO ضد نوفل وضد IBM وزوبعتها حول نظام لينكس. في هذه القضية تزعم SCO بصفتها مالكة لحقوق النسخ على يونكس بأن هناك أجزاء من كود يونكس الخامس System V الذي تملكه تم نسخها في لينكس من خلال IBM دون تحديد تلك الأجزاء حتى أمام المحكمة الشاهد في القضية أنه بعد أكثر من عقد على القضية لم تحل لكن تبين أن SCO ليست هي مالكة حقوق النسخ على يونكس بل هي نوفل (لكن SCO استأنفت) فأي عقد هذا الذي يحتاج فيه قضاة متخصصون حوالي عشر سنوات حتى يعرفوا من هو صاحب الملك وما هي حدود الشيء موضع الملك ؟
ومن طرائف الملكية الفكرية أن ولاية كاليفورنيا تدعي ملكية حقوق نسخ على قوانينها! أحد الأشخاص أخذ يخرق حقوق النسخ بشكل متعمد لأنه يقول أن المحكمة الفيدرالية ستحكم لصالحه لأن الجميع يجب أن يعلم القوانين.
ما يعنينا منها هو براءات الاختراع على البرمجيات أو الخوارزميات. إن الكثير من الدول لا تعترف بها وتمنعها في هذا المجال.
مع أن براءات الاختراع تمنح لفترة أقصر (20 سنة في الولايات المتحدة من تاريخ منحها) إلا أنها أقوى فهي لا تحمي التعبير عن الفكرة فحسب بل تحمي تطبيق الفكرة بحد ذاتها the application of an idea إما في منتج (آلة مثلا) أو إجراءات عملية (خطوات معالجة خام ما مثلا) فلا يجوز أن تطبق في منتج أو تجرى تلك العملية دون إذن صاحب البراءة.
براءات الاختراع فريدة لكل وحدة قضائية وطنية (بمعنى يقوم مالكي براءات الاختراع بتسجيلها في أكثر من مكان مثل الولايات المتحدة واليابان لضمان شمولها في حين يكفي تسجيل حقوق النسخ في بلد واحد) قد يستغرق منح براءة الاختراع في الولايات المتحدة 6 سنوات خلال تلك السنوات لا يتم عرض نص الطلب للناس. بعد الموافقة على منح براءة الاختراع فإنها تنشر يمكنك مثلا البحث والاضطلاع عليها من خلال غوغل عبر الرابط التالي:
مثلا براءة رقم 5904319 عن الصواريخ الموجهة! لكن هناك براءات ممنوحة ومنشورة على شاكلة رقم 6080436 وهي عن طريقة لتطرية الخبز من خلال تعريضه لبعض الحرارة أو مثل رقم 6368227 وهي عن طريقة عمل أرجوحة من خلال تعليق قطعة خشب على سلسلتين!!
بالنسبة للكثير من المبدعين براءات الاختراع مجرد ابتزاز بطريقة قانونية. النص التالي مقتبس من الصفحة القانونية لمشروع FFMPEG وفيه6) يصف مبدعي FFMPEG براءات الاختراع بأنها طريقة تجبي بها الشركات الكبرى الأتاوات Protection Money:
وتأمل الإجابة على السؤال الأخير مهم جدا حيث أن دفع الأموال لا يعني بالضرورة أنك في مأمن من المقاضاة.
ليس مطوري FFMPEG وحدهم من لهم هذا الرأي؛ ففي مقال لمجلة عالم الحاسوب البريطانية computer world uk أشارت إلى أكبر شركة متخصصة في الإبتزاز ببراءات الاختراع وهي شركة المغامرات الفكرية Intellectual Ventures التي أسسها مسؤولون سابقون في مايكروسوفت. هذه الشركة تقوم بالحصول على براءات اختراع في مختلف المجالات من الطاقة النووية إلى مكافحة الحشرات (تخترعها هي أو تشتريها) لهدف وحيد وهو بيعها أو التهديد بها (وليس بهدف تصنيع منتج حقيقي ولا حل مشكلات حقيقية) أقتبس:
نمط عمل هذه الشركة هو التخويف “إن هبت رياح IV باتجاهك اطلب منهم رخصة” بصرف النظر هل البراءات التي يزعمونها سليمة أم فاسدة… فر! لا أحد يعبث مع ملك الإبتزاز والبلطجة ببراءات الاختراع. إن هذه الشركة نفسها تعلم أن ما تقوم به وضيع وخسيس.
إن تاريخ براءات الاختراع يخبرنا عن منح براءات اختراع لأشياء معروفة منذ فترة طويلة ففي عام 2006 تم منح براءة اختراع على doubly linked lists وهو مفهوم قديم جدا ومعروف ولا يخلو منه كتاب data structure ليس فقط قبل 2006 بل إنه قديم قدم الحاسوب وهناك أمثلة كثيرة على منح براءات بطريقة سافرة على أشياء بدهية.
من الأمثلة الكثير على العقلية البلطجية في استخدام براءات الاختراع قضية أبل ضد HTC حيث رفعت شركة أبل صاحبة iPhone دعوى قضائية ضد HTC زاعمة أنها انتهكت أكثر من 20 براءة اختراع تعود لها وبتمحيص ملخص لبراءات الاختراع المرتبطة بالقضية نجد من بينها Object-Oriented Multitasking System أو Object-Oriented Operating System وهي أمور لم تخترعها أبل يقينا بل هي أمور بدهية تنطبق على أي نظام كتب بلغة معاصرة لمعالج معاصر (وكأنك تعمل براءة اختراع لمفتاح تشغيل on/off أو سماعات أذن قابلة للفصل عن الهاتف الخلوي) تلك البراءات المزعومة لم شركة HTC هي التي خرقتها في هاتفها المنافس لمنتج أبل بشكل مباشر بل هي موجودة في نظام أندرويد من غوغل حيث كانت HTC المُصنع لأول هاتف يعمل به (وهو ليس الوحيد فهناك موتورولا وغوغل نفسها) فالأولى أن تقاضي شركة أبل شركة غوغل. وحتى غوغل ليس المنافس الوحيد الذي يستخدم مثل هذه الميزات التي يفترض أنها تعود لأبل فهناك أنظمة مشابهة من مايكروسوفت ومن نوكيا وموتورولا وغيرها لكن أبل اختارت شركة تظن أنها أضعف من أن تتحمل تكاليف القضية أو الذي لا يملك براءات اختراع أخرى يرفع بها قضية كيدية حتى تسوى القضية سلميا! (يعني تغاضي متبادل عن براءات الاختراع بين الشركتين) هذه القضية التافهة يتوقع أن تستمر عقدا من الزمن.
في مقالة ذات صلة تقد بأن أكثر من 30% من القضايا في المحاكم مجرد ابتزاز ببراءات فاسدة patent trolls ومن بين الأدلة على ذلك أن 18 من أصل 20 قضية رفعت ضد غوغل منذ 2007 بما يتعلق ببراءات الاختراع هي من قبل شركات لا تقوم بعمل أي منتج وتقدم أي خدمة حقيقية بل إن منها ما كان صاحب براءة الاختراع لا يعلم كيف سيقوم بتنفيذ اختراعه المزعوم.
في قضية مشابهة رفعت شركة مايكروسوفت قضية على شركة أنظمة ملاحة عبر الأقمار الصناعية navigation systems بدعوى أنها تستطيع قراءة ملفات من ذواكر الفلاش ذات نظام ملفات FAT علما أن نظام الملاحة ذاك يعتمد على لينكس (بما فيها تلك العملية) وهنا مايكروسوفت لم تقاضي شركات لينكس الكبرى بل اختارت شركة على شفير الإفلاس في فترة الأزمة الاقتصادية. الشاهد في القصة عبارة ملفتة 7) حيث يجيب أحد المطورين على السؤال “لماذا نزيل كود نعلم أن براءة الاختراع التي تغطيه قد تكون فاسدة ؟” بقوله “لأن إثبات فساد براءة الاختراع يتطلب وقت طويل في المحاكم (وبالتالي الكثير من المال) وفي هذه الأثناء يحدث ضرر على المؤسسة والأفراد هذا الضرر قد يكون دائم التأثير لن يخفف من آثاره أن تكسب القضية لاحقا”
راوبط ذات صلة:
وقد حصل تغيّر كبير في نظرة المحاكم إلى براءات الاختراع على البرمجيات بعد قضية Bilski case حيث تم الحكم في هذه القضية بأن براءات الاختراع (في أمريكا) يجب أن تتضمن آلات ولا تُقبل على الخوارزميات والأفكار المجرّدة لكن هذا الحكم الآن في الاستئناف. ويعتبر هذا القرار تدميرا لفكرة براءات الاختراع على البرمجيات لكن حبال المحاكم طويلة.
من بين الأشياء التي قدمها قانون حقوق النسخ للألفية الرقمية الأمريكي DCMA مفهوم الإدارة الرقمية للحقوق DRM
هذه مجرد أفكار وروابط بحاجة إلى تنسيق